خطب الشيخ محمد الغزالي في شئون الدين والحياة - ج 2 - ط دار الإعتصام

محمد الغزالي

نص الكتاب

الكتاب المُصوّر

ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين (۱) فالسورة الصغيرة التي فتح
بها المصحف جاءت سورة البقرة تلبية وإجابة لدعاء المؤمنين فيها قائم حسب مصحفنا الذي نقرأه ، فكل محاولة لتغيير هذا
فالترتيب عند
الله
الترتيب أو الخروج عليه فهي محاولة لتمزيق الوحى وإبعاد الناس عن الترتيب الطبيعي له
·
إن السورة كلها نزلت كى تجعل المسلم يحيا لمعتقده ، ويعيش وفق منطق الإيمان ، فإذا أملى الإيمان حبا أحببنا ، وإذا أملى كرهـا كرهنا ، وإذا أملى زواجا تزوجنا ، وإذا أملى طلاقاً طلقنا ، وإذا أملى بيعة بايعنا ، وإذا أملى قطيعة قطعنا . أساس السورة أنها نزلت كى تجعل المؤمنين يحيون الله ، ولذلك بدأت السورة تؤكد معنى ما أحوج المسلمين إليه في أيامهم هذه : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء أى أصدقاء : و تلقون إليهم بالمودة ماذا صنعوا ؟ وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم ( لأنكم آمنتم بالله أخرجوكم إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلى وابتغاء مرضاتى أى فلا تفعلوا هذا ، وعلى من تُخبئون نياتكم وتطوون أعمالا غير لائقة فى طواياكم ؟ تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل (۲) نزلت هذه الآيات كما قلت لكم الآن قبيل فتح مكة ، والسبب في نزولها (۳) : أن رجلا من المسلمين اعترته ساعة ضعف ، فلما علم بذكائه أن العدة تُعد لفتح مكة أرسل كتاباً مع إحدى النساء إلى أصدقاء له في مكة يبلغهم بما يقع في المدينة ، وكأنما يحذرهم ما يُعد لهم. هذا تصرف غريب ، هذا عمل لا يليق ، وقد يوصف بالخيانة ، كيف يقع هذا العمل ؟ إن الرجل اعتذر عن نفسه لما كشف عمله وقبض على خطابه الذي أرسله للنبي : أنا رجل مؤمن، ولكنى فى مكة لا عزوة لى ولا مكانة ،
، قال
(۱) البقرة : ٢
(۲) الممتحنة : ١
نزول صدر هذه السورة المباركة قصة حاطب بن أبي بلتعة رضى ا الله
عنه
(۳) كان
سبب
وقصته في الصحيحين .. أخرجهما البخارى فى كتاب الجهاد .. باب الجاسوس ٧٢/٤ ومسلم في
كتاب فضائل الصحابة .. باب من فضائل أهل بدر رضى
الله
عنهم
·
، ١٦٧/٧ ١٦٨ ،
۲۳۳