موسوعة تاريخ الأندلس - مؤنس 1-2

حسين مؤنس

Text

PDF

تاريخ الأندلس
تستغرق العملية زمنا طويلا وكان لا بد أن تمر فى كل الصعاب والمشاكل التي يعرفها كل من يعرف شبه الجزيرة الأيبيرية.
نستطيع أن نتصور إذن وضع الأندلس الذي يقع بعد هذا المغرب كله ويقوم وراء البحر على
لأن
أرض أوروبية كانت مسيحية قبل دخول العرب وظلت مسيحية جزئيا طوال تاريخها الإسلامي الإسلام ترك الناس أحراراً في مسألة دخول الإسلام فسارت العملية سيرا بطيئا وإن كان طبيعيا. ولقد قال المؤرخ الإنجليزى نقيل ياربر : إن الأندلس كانت بالنسبة للعالم العربي بلاد ما وراء البحار، وهذا صحيح، وبلاد ما وراء البحار لا بد أن تستطيع الاعتماد على أنفسها إلى مدى بعيد لأن البلاد الأصلية لا تستطيع أن تواليها بالعناية والرعاية، إذ لها هي مشاكلها، وقد كان من الأساس بالنسبة للأندلس أن يكون هناك اتصال بحرى منتظم بينه وبين بلاد الإسلام، ولقد وفق الأندلسيون بالفعل إلى إنشاء قوة بحرية تجارية ملأت حوض البحر الأبيض نشاطا، ولكن الصلة أنت الناحية الأخرى، أى من من ناحية البلاد المشرقية التى لم تكن لها سياسة بحرية مستمرة، فاقتصر الجزء الرئيسي من النشاط البحرى الأندلسى على بلاد المغرب وجزائر البحر وضاعت الفائدة الكبرى كان من الممكن أن تتحقق لو كان هناك اتصال بحرى منتظم وغزير بين مصر والشام من
التي
ناحية، والأندلس من ناحية أخرى، وكان لهذا أثره في مصير الأندلس النهائي.
ولقد بذل الأندلسيون جهدا عظيما في إقامة وطنهم الأندلسي، واستطاعوا رغم صعوبة ظروفهم أن ينشئوا دولة ثابتة الأركان وحضارة زاهرة لا تقل بحال لمن تحقق في غير الأندلس من بلاد الإسلام والعروبة، ولكن إذا كان ولا بد أن يعيش الأندلس فقد كان ولا بد من أن يظل الطريق البرى بينه وبين المشرق مفتوحا، وقد شعر الأندلسيون بذلك واجتهدوا في الإبقاء على هذا الطريق، ويتجلى ذلك في الحرب الطويلة التى قام بها الحكم المستنصر في المغرب الأقصى بقصد تثبيت أقدامه فيه