قالوا في الكتاب - فرحات ويوسف

الفصل الأول
اختصار الكتب
اختصار الكتب نمط من النشاط العلمي لجأ إليه بعض المؤلفين ، وكان لهم في ذلك دوافعهم المتباينة ، منها ما أشار إليه حاجي خليفة في كتابه «كشف الظنون ، وذلك في سياق حديثه عن أنواع الكتب بقوله عنها : «مختصرات تجعل تذكرة لروؤس المسائل ينتفع بها المنتهي للاستحضار ، وربما أفادت بعض
المبتدئين الأذكياء لسرعة هجومهم على المعاني من العبارات الدقيقة . . . »(۱) غير أن بعض الكتاب استهجن هذا السلوك وذمه ، ومن أشهرهم ابن خلدون
الذي خصه بفصل في مقدمته الشهيرة ، ووسمه بفصل في أن كثرة الاختصارات الموضوعة في العلوم مخلة بالتعليم ، حيث قال : ذهب كثير من المتأخرين إلى اختصار الطرق والأنحاء في العلوم ، يولعون بها ويدونون منها برنامجاً مختصراً في كل علم يشتمل على حصر مسائله وأدلتها ، باختصار في الألفاظ وحشو القليل منها بالمعاني الكثيرة من ذلك الفن ، فصار ذلك مخلاً بالبلاغة وعسيراً على الفهم . وربما عمدوا إلى الكتب الأمهات المطولة في الفنون للتفسير والبيان ؛ فاختصروها تقريبًا للحفظ ، ... وهو فساد في التعليم وفيه إخلال بالتحصيل ، وذلك لأن فيه
(۱) كشف الظنون ، المقدمة ، ٣٥/١