نص الكتاب

الكتاب المُصوّر

لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله . ثم قال : والله يا محمد كان على وجه الأرض وجه أبغض إليّ من وجهك ، وقد أصبح وجهك أحبّ الوجوه
إلي ، والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك . فأصبح دينك أحب الأديان كلها إليّ ، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك ، فأصبح بلدك أحب البلاد إلي ، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة ، فماذا ترى ؟ فبشره (۱) النبي صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر ، فلما قدم مكة ملبياً بعمرته ، مظهراً وحدانية الله تعالى ، قال له قائل : صبأت (۲) ؟ قال : لا ، ولكن أسلمت مع رسول الله ولا والله تأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم . ثم خرج إلى اليمامة ، فمنعهم أن يحملوا إلى مكة شيئاً ، حتى أكلت قريش العِلْهِز (۳) ، فجاء أبو سفيان إلى المدينة فقال للنبي صلى الله عليه وسلم : ألست تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين ؟ قال : « بلی » ، قال : فقد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع ، أنشدك الله والرحم ؟ قد أكلنا العلهز . فكتب رسول الله إلى ثمامة بن أثال أن يخلى بينهم وبين الحمل (٤) . فحاصل هذه السرية هو أن ثمامة بن أثال بن النعمان من بني حنيفة ، الحنفي أبو أمامة اليمامي كان عرض الرسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتله . فدعا رسول ربه أن يمكنه فمكنه الله سبحانه وتعالى منه ، فلما تمكن منه ربطه في السارية ليشاهد صلاة المصلين ، ويقف على عبادة الموحدين ، ثم أطلقه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قبل أن يؤمن بالله وبرسوله ، ولم يقتله مقابل ما كان يحاول من قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل عامله بالشفقة والرحمة . ونتج من ذلك
الله
منه ،
(۱) قال الحافظ : أي بخير الدنيا والآخرة أو بالجنة أو بمحو ذنوبه وتبعاته
(۲) صبوت : أي خرجت عن دينك
(۳) هي الوبر والدم
(٤) أي الميرة والطعام .