مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية

ناصر الدين الأسد

Text

PDF

مجتمعات العرب في الجاهلية وتفاوتها في الحضارة
موطن العرب، في جاهليتهم ، يمتد في رقعة من الأرض واسعة (١) ، ذات بقاع متباينة ، تختلف بيئاتها الطبيعية اختلافاً يكاد يجعل منها مواطن متعددة وإن كانت ، مع ذلك ، وطناً واحداً متماسكاً . فما بين البحر الهندي في أقصى الجنوب إلى ما بعد دمشق في أقصى الشمال ، وما بين بحر فارس ونهري دجلة والفرات في الشرق إلى البحر الأحمر بل إلى نهر النيل فى الغرب (۲) - كانت تسبيح
.
(۱) وليس في خريطة الأرض شبه جزيرة تضاهيها حجماً، فهي أكبر من شبه جزيرة الهند، ومساحتها ثمانية أضعاف الجزر البريطانية ، وأربعة أضعاف فرنسا . . . » تاريخ العرب ( مطول )
لتى وجرجي وجبور ۱ : ۱۵ .. وهى تعادل ربع أو ربا أو ثلث الولايات المتحدة مساحة المرجع السابق ص : ١. (۲) تحديد البلاد التي سكنها العرب ليس بالأمر اليسير المتفق عليه ، وإنما يحتاج إلى تحديد المراد يلفظ العرب أولا وإلى تحديد الزمان الذي تدور فيه أحداث البحث ثانياً : (1) كان الفراعنة والآشوريون والفينيقيون يقصدون بالعرب أهل البادية في البقعة الممتدة بين الغرات في الشرق والنيل في الغرب ، ويدخلون فيها - عدا بادية العراق والشام وشبه جزيرة سيناء - صحراء مصر الشرقية ما بين وادى النيل والبحر الأحمر. وقد كانت بلاد العرب في عصر جيولوجي مبكر متصلة في جنوبها عند اليمن بإفريقية عدا اتصالها بها في شمالها ، فكان البحر الأحمر آنذاك بحيرة داخلية ، انظر : 11 .De Lacy O'Leary, Arabia Before Mohammad, rg27, p) وكان بذلك نهر النيل هو الحد الغربي لبلاد العرب .
(ب) وكان اليونان القدماء يعدون جنوبي جزيرة العرب بين خليج فارس والبحر الأحمر من الحبشة ، فيجعلون الحبشة واليمن وضفاف خليج فارس إقليما واحداً يسمونه و إثيوبيا آسيا . . ثم أطلق اليونان في عهد البطالة هل الجزيرة كلها اسم بلاد العرب ، وقسوها ثلاثة أقسام : البادية =