Text

PDF

إنما الأعمال بالنيات
عن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنما الأعمال بالنيات
وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها ، أو امرأة ينكحها
فهجرته إلى ما هاجر إليه» (1) .
،
،
وجمال هذه العبارة في هذا الإيجاز البليغ ، والبيان البديع ، الذي حصر قبول الأعمال بصلاح النية ، وجعلها أصلاً وسبباً لصلاح الأعمال وقبولها ، كما أفاد الحصر هنا التحريض والحثّ والمبالغة والتأكيد على إخلاص النية الله تعالى .
وبهذا الحديث صَدَّرَ البخاري رحمه الله كتابه الصحيح ، وذكره في عدة أبواب أخَرَ بلفظ ( الأعمال بالنية ( بإفراد النية (۲) ، وكذا هي رواية مسلم رحمه الله . فالأولى على مقابلة الجمع بالجمع ، أي كل عمل بنيته، وهي إشارة إلى أن النية تتنوع كما تتنوع الأعمال . أما وجه إفراد النية : فلأن محلها القلب وهو متحد ، فناسب إفرادها ، بخلاف الأعمال ، فإنها متعلقة بالظواهر وهي متعددة ، فناسب جمعها ، ولأن النية ترجع إلى الإخلاص وهو واحد للأحد الذي لا شريك له
(۳)
والباء في قوله : ( بالنيات ( للمصاحبة ، وقد تفيد السببية ، بمعنى أنها مقدمة للعمل ، فكأنها سبب إيجاده ، وعلى الأول فهي من نفس العمل ، فيشترط ألا تتخلف عن أوله .
(۱) متفق عليه ، أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي ، باب كيف كان بدء الوحي على رسول الله رقم (۱) ، ومسلم في الإمارة باب قول النبي صلى الله عليه وسلم : إنما الأعمال بالنيات (۱۹۰۷) .
(۲) انظر الحديث (٥٤) و (۲۵۲۹) و (۳۸۹۸) ، ، وغير
(۳) من الفتح ١ / ١٨ عند شرح الحديث .
ذلك
۱۳